تُعد قضايا الميراث من أهم المسائل التي نظمها الشرع بدقة وعدالة، لما لها من أثر مباشر على الأسرة والمجتمع، وقد فصّل الإسلام في أحكام المواريث بما يكفل لكل ذي حقٍّ حقّه، ويمنع الظلم والنزاع بعد الوفاة، وعلى الرغم من وضوح الأحكام، إلا أن كثيرًا من الناس يجهلون تفاصيلها أو يقعون في أخطاء بطريقة تقسيم الورث، مما يستدعي التوعية بطريقة التقسيم الشرعي للورث.
طريقة تقسيم الورث
الميراث لا يقتصر على توزيع المال فحسب، بل هو نظام متكامل يراعي صلة القرابة، والحقوق، والعدالة بين الورثة، وتبدأ طريقة تقسيم الورث بعد التأكد من وفاة المُورّث، وسداد ديونه، وتنفيذ وصيته إن وُجدت، ثم يُنظر في الورثة المستحقين ونِسبهم المحددة شرعًا.
وتُقسم التركة بناءً على قواعد محددة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وهو ما يُعرف بعلم الفرائض، أحد أدق العلوم الفقهية وأصعبها على الفهم لمن لم يتخصص فيه.
- تبدأ العملية الشرعية لطريقة تقسيم الورث في السعودية بتثبّت الوفاة رسميًا، لأن توزيع التركة لا يجوز قبل ذلك.
- بعد الوفاة، يُوقف التعامل بأملاك المتوفى حتى يتم حصر التركة وتقدير الحقوق المتعلقة بها.
- يُسدد من التركة كل الديون الثابتة في ذمة المتوفى، سواء كانت لأشخاص أو مؤسسات.
- تُنفذ الوصايا المشروعة إن وُجدت، بشرط ألا تتجاوز الثلث، ولا تضر بحقوق الورثة.
- يتم بعدها تحديد الورثة المستحقين وفق صلتهم بالمتوفى، ذكورًا وإناثًا، أقرباء أو أصحاب فروض.
- طريقة تقسيم الورث يتم بناء على النصوص الواضحة في القرآن الكريم، دون اجتهاد خارجها.
- في حال وجود خلاف، يُحال الأمر إلى القضاء أو يُستشار أهل الخبرة من علماء الفرائض.
- لا يجوز تصرف أي وريث في جزء من التركة قبل تقسيمها، حفاظًا على حق الآخرين.
- يُفضل أن يتم التوزيع رسميًا وبمحضر موثق، لتجنّب أي نزاع مستقبلي أو ظلم لأحد الأطراف.
الحقوق المتعلقة بالتركة قبل تقسيمها
- أول ما يُخصم من التركة هو تكاليف تجهيز الميت، من غسل وكفن ودفن ونحوها.
- تُسدد ديون المتوفى بعد التجهيز، سواء كانت معلومة أو موثقة، فهي مقدَّمة على حق الورثة.
- إن وُجدت وصية مشروعة، تُنفذ بنسبة لا تتجاوز الثلث إلا بإذن جميع الورثة البالغين.
- يُراعى في تنفيذ الوصية ألا تضر بحقوق أحد الورثة أو تتعارض مع نص شرعي.
- إن كان للميت التزامات أخلاقية، كأمانات أو حقوق ناس نسي تدوينها، فيجب تحرّي أدائها.
- بعض الأموال قد تكون مشتركة مع الغير، وهنا يُفصل نصيب الشركاء أولًا قبل التقسيم.
- في حال وجود عقارات أو أموال يصعب تقسيمها مباشرة، يتم تقييمها لتوزيع قيمتها بالعدل.
- الحقوق المتعلقة بحقوق الدولة كضرائب أو رسوم تُخصم من التركة أيضًا قبل توزيعها.
- بعد سداد كل هذه الحقوق، يصبح المال المتبقي هو ما يُوزّع شرعًا بين الورثة المستحقين.
أنواع الورثة وتقسيم الأنصبة
- الورثة نوعان: أصحاب فروض، وهم من لهم نصيب محدد بالقرآن، والعَصبة الذين يأخذون ما بقي.
- من أصحاب الفروض: الزوج، الزوجة، الأم، الأب، الجد، الجدة، البنت، الأخت… بحسب الحالة.
- الزوج يرث النصف إن لم يكن للزوجة ولد، والربع إن كان لها ولد، والعكس للزوجة.
- البنات يرثن النصف إن كانت واحدة، أو الثلثين إن كن أكثر، إذا لم يكن معهن أخ.
- الأم تأخذ السدس في وجود الفرع الوارث أو عدد من الإخوة، وإلا فلها الثلث.
- في غياب أصحاب الفروض، تنتقل التركة كلها للعصبة، كالأبناء أو الإخوة الذكور.
- الإخوة غير الأشقاء لا يرثون مع وجود الأب، لأن الأب يحجبهم، وفق القاعدة الفقهية.
- هناك حالات يرث فيها الزوجان مع الأبناء، ويُوزع الباقي على العصبة حسب الترتيب الشرعي.
- التحديد الدقيق للأنصبة يحتاج دقة، وأحيانًا تدخل عوامل تفصيلية تُغيّر من شكل القسمة.
حالات خاصة في الميراث
- الجد قد يحل محل الأب في الميراث إذا لم يكن الأب موجودًا، لكنه لا يحجب الإخوة دائمًا.
- إذا اجتمع الجد مع الإخوة، يقع الخلاف بين الفقهاء، ويُعمل في الغالب بالجمع بين رأيين.
- ميراث الزوجين يتغير بتغيّر وجود الأولاد؛ وجودهم يقلل نصيب الزوج أو الزوجة إلى الربع أو الثمن.
- في حال عدم وجود أولاد أو أب، تأخذ الزوجة الربع، وإن كانت وحدها فقد تأخذ كل التركة.
- الزوجة لا ترث من الأرض في بعض العادات، لكن شرعًا لها نصيب من العقار كأي مال.
- الإخوة لأم لا يرثون إن وُجد فرع وارث، أما إن لم يوجد، فلهم نصيب محدد.
- إذا مات الزوج دون أولاد وكان له إخوة، يُراعى ما إذا كان أحدهم قد أعاله أو لا.
- حالات التعدد في الزواج تؤثر في القسمة، فكل زوجة ترث الثمن مقسومًا بينهن بالتساوي.
- يجب فهم التفاصيل الدقيقة في هذه الحالات حتى لا يُخطئ الناس في توزيع المال ظلمًا.
تأثير الوصية على توزيع الميراث
- الوصية لا تُنفذ إلا في حدود الثلث، ولا يجوز لوارث أن يُوصى له، إلا بإذن الورثة.
- يُشترط في الوصية أن تكون مكتوبة أو موثقة، لتجنب النزاع أو الإنكار بعد الوفاة.
- قد يستخدم البعض الوصية للتحايل على نظام الميراث، وهذا مرفوض شرعًا وباطل عند القضاء.
- إذا وافق الورثة جميعًا بعد الوفاة، يجوز تنفيذ وصية بأكثر من الثلث أو لوارث.
- أحيانًا تكون الوصية واجبة، مثل الوصية للأحفاد في حال موت أبيهم قبل الجد.
- لا ينبغي أن تُستغل الوصية لتصفية خلافات شخصية، لأنها عبادة وحق لله، لا مجال فيها للهوى.
- تنفيذ الوصية يُقدَّم على توزيع الميراث، فهي من الحقوق المقدمة قبل التقسيم.
- قد تُوصي امرأة بكل ما تملك لجمعية أو جهة خيرية، وهنا يُنظر في نسبة الثلث فقط.
- التعامل مع الوصية يحتاج حكمة، لأن التوازن بين إرادة المتوفى وحقوق الورثة ليس سهلًا دائمًا.
أخطاء شائعة في طريقة تقسيم الورث
- بعض الناس يبدأون في تقسيم التركة دون تصفية الديون أو تنفيذ الوصية، وهذا مخالف للشرع.
- إعطاء الابن الأكبر النصيب الأكبر بحجة أنه “تحمّل المسؤولية” أمر لا أصل له شرعًا.
- تجاهل نصيب النساء أو منعهن من الإرث لا يزال يُمارس، رغم أنه ظلم بيّن ومخالف للنصوص.
- توزيع التركة بالتراضي لا يُغني عن التقسيم الشرعي إذا كان أحد الأطراف غير راضٍ تمامًا.
- إهمال الاستعانة بخبير في علم الفرائض يؤدي في كثير من الأحيان إلى أخطاء كبيرة.
- بعض الورثة يتصرفون في العقارات أو الأموال قبل القسمة الرسمية، مما يُربك العملية لاحقًا.
- سوء الفهم للأنصبة، مثل مساواة الذكر بالأنثى في كل الأحوال، يُسبب مشاكل وتعديًا على الحقوق.
- تقديم الأعراف أو العادات على النصوص الشرعية سبب رئيسي للنزاعات في قضايا الميراث.
- التأخير الطويل في تقسيم التركة يجعل الورثة عرضة للخلافات والتجاوزات، وقد يضيع حق البعض.
- ولتفادي هذه الأخطاء يمكنك الاستعانة بمكتب المحامي محمد بن أحمد الخنين بالخرج.
يبقى الميراث من المسائل التي تحتاج إلى وعي شرعي واستشارة مختصين، لتجنب الوقوع في الظلم أو مخالفة الشريعة دون قصد، فالتساهل في طريقة تقسيم الورث يؤدي إلى فساد ذات البين وقطع صلة الرحم.
اقرأ أيضًا: