تُعد المملكة العربية السعودية نموذجًا فريدًا في النظام التشريعي، إذ تستند قوانينها إلى مرجعية دينية ثابتة، تميزها عن غيرها من الأنظمة الوضعية حول العالم، ومن هذا المنطلق، فإن فهم ما مصدر التشريع في المملكة العربية السعودية ليس مجرد بحث قانوني، بل هو مدخل لفهم فلسفة الحكم وطبيعة الدولة، والأسس التي تُبنى عليها القوانين وتُفصل بها الحقوق والواجبات.
ما مصدر التشريع في المملكة العربية السعودية؟
قامت المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على مبدأ تحكيم الشريعة الإسلامية، واتخذت من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة مصدرًا رئيسًا ووحيدًا للتشريع.
فلا تصدر الأنظمة ولا تُسنّ الأحكام القضائية إلا في إطار ما تقرره الشريعة، وما يتفق مع مقاصدها الكلية، ويُعد هذا التوجه انعكاسًا لهوية الدولة، والتزامها بتطبيق مبادئ الإسلام في حياة الناس، ومعاملاتهم، وتنظيم شؤونهم، فما مصدر التشريع في المملكة العربية السعودية؟
- ما مصدر التشريع في المملكة العربية السعودية؟ إن التشريع في الإسلام ليس مجرد قوانين تُسنّ، بل هو منهج حياة، يبدأ من العقيدة ويمتد إلى تفاصيل المعاملات والأخلاق والسلوك.
- القرآن الكريم هو المصدر الأول، يحمل بين آياته أحكامًا واضحة تُلزم المسلم فردًا ومجتمعًا، وتُعدّ القاعدة التي يُبنى عليها كل ما يأتي بعدها.
- السنة النبوية هي التطبيق العملي للقرآن، فهي الشرح، والتفصيل، والسلوك النبوي الذي يُستمد منه التشريع بروح العدل والحكمة.
- الإجماع.. حين يتفق العلماء على حكم في مسألة لم يُنصّ عليها مباشرة، يكون ملزمًا في الشريعة، لأنه يُعبّر عن فهم جماعي لنصوص الدين، وهذا هو جوهر الإجابة على ما مصدر التشريع في المملكة العربية السعودية؟
- القياس يُعتمد حين تُستنبط أحكام لمسائل جديدة، بناءً على تشابهها مع قضايا نُصّ عليها، ويعكس مرونة الشريعة وقدرتها على استيعاب المستجدات.
- مصادر التشريع لا تعمل في فراغ، بل تتفاعل مع الواقع، فتوازن بين الثبات في الأصول والمرونة في التطبيق، دون أن تُخِل بالمرجعية الدينية.
- تتسم الشريعة الإسلامية بالاتساع، فهي لا تقف عند حدود الزمان والمكان، بل تمتد بقواعدها العامة لتُوجّه الحياة وفقًا لمنهج رباني خالد.
دور هيئة كبار العلماء في صياغة التشريعات
- هيئة كبار العلماء ليست مجرد هيئة استشارية، بل تُعدّ مرجعية دينية تُسهم في حفظ هوية المملكة التشريعية من خلال رأيها الفقهي الملزم.
- عند مناقشة أي مشروع نظام، يُعرض على الهيئة لتُقيّمه شرعيًا، وتتأكد من عدم مخالفته للكتاب والسنة، وهو شرط لا يمكن تجاوزه.
- الهيئة تُصدر الفتاوى في القضايا العامة، وهذه الفتاوى تكون أحيانًا هي الأساس الذي يُبنى عليه تنظيم جديد أو تعديل تشريعي.
- يتولّى أعضاؤها مراجعة بعض الأنظمة قبل إقرارها رسميًا، خاصة تلك التي تمس شؤون الأسرة، القضاء، أو المسائل الجنائية.
- لا تقتصر مهمتها على الموافقة أو الرفض، بل تُسهم أحيانًا بصياغة النصوص ذاتها، لضمان دقة المصطلحات وتوافقها مع الشريعة.
- تُعد الهيئة صوتًا فقهيًا داخل الدولة، يوفّر التوازن بين السلطة التنفيذية والمرجعية الدينية، ويمنع الانجراف وراء تشريعات غير منضبطة.
- وجودها المؤسسي يرسّخ ثقة المواطنين في القوانين، لأنها تمنحهم ضمانة بأن ما يُطبّق عليهم نابع من دينهم وليس مفروضًا من خارج إطارهم القيمي.
الأنظمة الحديثة واللوائح التنفيذية
- في المملكة، الأنظمة الحديثة لا تُوضع عشوائيًا، بل تمر بمراحل دقيقة من الدراسة، تبدأ من الحاجة الواقعية وتنتهي بالموافقة الشرعية.
- تُسنّ الأنظمة لمواكبة الحياة المدنية، كأنظمة المرور، العمل، التجارة، لكنها لا تخرج عن ضوابط الشريعة، بل تُضبط بها.
- اللوائح التنفيذية تأتي لتفصيل مواد النظام، وتُعتبر أداة الدولة لضمان تطبيق القانون عمليًا، بطريقة لا تُخالف روح النص الشرعي.
- لا يُعتمد أي نظام إلا بعد مراجعة الجهات الشرعية المختصة، لأن المرجعية ليست مرنة في أصلها، لكنها تسمح بالتنظيم ضمن الإطار المشروع.
- القوانين الحديثة تسد ثغرات لم تكن موجودة في السابق، لكنها لا تبتكر من فراغ، بل تُستنبط من مقاصد الشريعة وتُترجمها بلغة العصر.
- في حال تعارض نص تشريعي مع مبدأ شرعي صريح، يتم تعديله أو رفضه، وهذه قاعدة ثابتة في البنية القانونية السعودية.
- التكامل بين الشريعة والتنظيم الحديث ليس تناقضًا، بل نموذج يُظهر أن الدين يمكنه قيادة التقدم لا الوقوف في وجهه.
- الأنظمة ليست جامدة، بل قابلة للتحديث وفق الحاجة، شرط أن يظل الحبل موصولًا بين النص الجديد والمصدر الثابت.
العلاقة بين النظام الأساسي للحكم ومصدر التشريع
- المادة الأولى تنصّ بوضوح: “المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية.. ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم”، وهذا يضع الشريعة في موضعها الطبيعي: في القمة.
- أما المادة السابعة فتُعزّز هذا المفهوم، إذ تُلزم الدولة بأن تحكم بكتاب الله وسنة رسوله، ما يجعل المرجعية الدينية جزءًا أصيلًا من بنية النظام.
- النظام الأساسي ليس دستورًا بالمعنى الغربي، بل إطار شرعي-سياسي يُنظّم الحكم دون أن يُنافس النص الشرعي أو يُقيده.
- هذه المواد تُشكّل ضمانة دستورية لأي مواطن، بأن حقوقه وواجباته مستمدة من دينه، لا من رغبات بشرية أو مصالح مرحلية.
- كل من يعمل في سلك الدولة ملزم شرعًا وقانونًا بالالتزام بهذه المواد، وهي ليست للزينة أو الشعارات، بل تُطبّق عمليًا.
- من هنا، فإن أي نظام أو قانون يصدر دون اتساق مع هذا المرجع، يُعتبر باطلًا، أو على الأقل قابلًا للطعن فيه شرعيًا.
- هذا الربط بين الحكم والشريعة ليس عائقًا كما يُروّج البعض، بل هو ما يمنح النظام في السعودية ثباتًا أخلاقيًا لا يتحقق بالقوانين البشرية وحدها.
تطبيقات واقعية على تشريعات مستقاة من الشريعة
- نظام الأحوال الشخصية بمواده المتعددة يستند بشكل كامل إلى أحكام الفقه الإسلامي في الزواج، الطلاق، الميراث، والولاية.
- نظام المرافعات الشرعية يضع الإجراءات القضائية في سياقها الفقهي، حيث يتم التقاضي أمام محاكم تُحكم بالشريعة، لا بقانون وضعي.
- نظام العقوبات الجنائية يعتمد على الحدود والتعزيرات المنصوص عليها في الشريعة، لا على نماذج غربية في الردع أو الإصلاح.
- تنظيم الهيئة العامة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُجسّد مبدًا إسلاميًا أصيلًا، ويضعه في إطار قانوني محدد المهام والصلاحيات.
- نظام الوقف هو أحد أروع الأمثلة على تحويل مفهوم شرعي إلى كيان قانوني مؤسسي، ينظم الأموال ويُديرها وفق نية الواقف ووفق أحكام الشريعة.
- قوانين التبرعات، الزكاة، والأوقاف كلها مستمدة من نصوص دينية مباشرة، ولا تُعدّل إلا بما يُراعي المقاصد دون أن يُخالف الأصل.
- حتى القوانين المتعلقة بالعمل والضمان الاجتماعي فيها لمحات واضحة من القواعد الإسلامية، مثل تحريم الربا، وتقييد بعض المعاملات المالية.
- وإذا واجهت أي مشكلة قضائية لا تتردد في التواصل مع شركة الخنين لخدمات المُحاماة بالخرج، وسيسعى الفريق المختص بحل مشكلتك بأسرع وقت.
الإجابة على ما مصدر التشريع في المملكة العربية السعودية؟ أنها ليس مسألة تنظيمية فحسب، بل هو مبدأ جوهري يعكس عمق الارتباط بين الحكم والدين، وبين القانون والعقيدة.
اقرأ أيضًا: